Alexandria-Beirut

Name:
Location: Egypt

Totally lost in the Mediterranean


Thursday, October 26, 2006

الصومال في وسط المدينة


في وقت عملي مع اللاجئين كانت الاوضاع في الصومال تحديدا تثير فضولي. فقد كانت على عكس جنوب السودان دولة حديثة الى حد كبير في فترة ما قبل الحرب الأهلية. المهندسين والأطباء والعلماء الذين وصلوا الى مكتبي كلاجئين تعلموا في جامعات صومالية. عاشو في مدن حديثة وقرى بها بعض التكنولوجيا الزراعية. كانت شهاداتهم الدراسية مكتوبة باللغة الصومالية والأيطالية احيانا. كانو مهذبين جدا وهادئين وكنت ابحث في الوجوه عن هؤلاء الهمج الذين يجبون الشوارع بالسلاح ويرتكبون حوادث الأغتصاب الجماعية التي كانت حدث يتكرر طوال اليوم كل يوم ولسنوات. كنت ابحث في الوجوه عن من كانوا يقتحمون البيوت فيسرقوها ويخطفوا من يريدون منها ثم ينسفوها. كنت ابحث بين الوجوه عن الذين يحبسون اخرين لسنوات ويجبروهم على العمل بنظام العبيد في مزارع مسروقة من اصحابها. كنت ابحث عن الأطفال الذين سيطرت المخدرات على عقولهم فتحولوا لمقاتلين يطلقون النار على المارة بلا تمييز ويمارسون تفسيرا دنيئا لمفاهيم عن الرجولة تعلموها من رجالا انتقصت المخدرات وشهوة الدماء من انسانيتهم. لم اجد احدا ممن بحثت عنهم. كان جميع من يصل الى مكتبي يرتدي وجه اللاجئ. لم يتم انتشالي ابدا من دائرة الشك في كل من تقدم لي. بدأ منذ ذلك الوقت تفكيري في موضوع الهيستيريا الجماعية. ذلك التعطش الجماعي للدماء. العنف يولد عنف؟ هل حقا يمكن ان اتحول الى شخص عنيف لمجرد اني محاطة بأخرين يمارسون العنف؟ ما هي نقطة الانكسار كما يسمونها بالأنجليزية. ما هي اللحظة التي تنهار فيها المدنية في أماكن معينة فتسقط كل الأقنعة عن سكان تلك الأماكن ويظهر الشر المجرد والعنف الجماعي المجرد. كنت دائما افكر في المسافة التي تفصلني عن تلك اللحظة و كان احساسي يقول اننا لسنا بعيدين عنها وكنت اختار ان اكذب احساسي واختار ان اخدع نفسي بالمنطق. اليوم تعلمت مرة اخرى ان اثق في أحساسي فالصومال وصلت اخيرا لمنتصف المدينة

Thursday, October 12, 2006

زيارة ليلية


يزورني هشام في الحادية عشر مساء مستنكرا اعتراضي بأن الوقت متأخر وكاشفا لكذبة اني انام في مواعيد ادمية. هشام جاري وقريبي وصديقي الاقدم. يكبرني بعشر سنوات. متزوج من نفس المرأة التي كانت حبيبته أيام الدراسة الثانوية وأب لطفلان اكبرهم يصحبه لزيارة عمتو الكساندرا التي ورث حبها من ابيه وأمه. لم يعد الكثير يجمعني بهشام وزوجته. ولت منذ دهور ايام أصطياد الضفادع من حديقة الأورمان واخفائها في برطمانات تحت كراسي غرفة الأستقبال في منزل والده. انقضت ايام تصوير الأفلام القصيرة التي يقوم ببطولتها دمى الهي مان والتي كنا نصورها بكاميرة الفيديو التي احضرتها له والدته. لم تكن صداقتي لهشام مقبولة في طفولتنا. فوالدته، أستاذة الجامعة اليسارية ذات الأصول الصعيدية البسيطة كانت تعامل في عائلتنا على انها خطء عابر ارتكبه احد اكثر افراد العائلة سلطة وحماقة. ولكنهم عندما تخلصوا منها بعد سنين كان عليهم ان يحتفظوا بهشام الذي يحمل اسمهم كي تتم تربيته في "أجواء مناسبة". ولم يراهن احدهم على ان دميتهم الجميلة ستصادق هذا الخطء التاريخي ويصيران كالتوأمان. كان من الصعب عليهم ان يُفهموني بلا تصريح ان صديقي هذا، الذي هو ايضا قريبي وجاري، غير مناسب لي كشريك لاوقات اللعب. كنت الحظ ان اسم والدته ينطق بأحتقار ولكن ملاحظتي تلك كانت تستعصي على الترجمة. وكانت امه تكن معزة شديدة لوالدي مما زاد من كره العائلة لها ومن حيرتي في هذا الكره. لم اكن اعلم أني وهشام نتشارك في أمور اخرى غير نوعية الألعاب التي نفضلها. ان كلانا نتيجة لزيجة أختارت العائلة ان تتجاهلها او تنساها. أمي وجدتي وجدي أعتبروني ملكية خاصة لهم. دميتهم الشركسية الجميلة التي ستتعلم كيف تنتقي ملابسها ولا تشغل رأسها الجميل بما هو اكثر من أمور المنزل وثقافة الروايات القديمة والموسيقى الكلاسيكية وانتقاء الاصدقاء المناسبين من النادي. لم يراهنوا على ان بطة سوداء اخرى في العائلة ستغني لي أغاني الثوار كي انام وأن أحدهم سيهديني كتاب عن شيوعية الصين وانا في الثانية عشر وأن بين جميع ابناء العائلات المناسبة في المدرسة الأجنبية ساختار أن أصادق ميمي ابنة تاجر الخردة الأمي. واني سأسمع في بيت ابي الذي ينتمي في الحقيقة لنفس طبقة امي احاديث عن السياسة والمقاومة الفلسطينية ولبنان التقدمي في مقابل لبنان اليميني.
لم تكن اختياراتي في تلك الفترة تنبع من وعي طبقي. كنت فقط ارى المجتماعات الأخرى خارج بيت جدتي لأمي والنادي اكثر اثارة بكثير. اذكر أحساسي بالظلم عندم تلقيت أول عقاب بدني قاسي من ابي لأني اقف وحدي مع شاب في جزء متطرف من منطقة حمامات السباحة في النادي، لأني في حقيقة الأمر كنت اتناظر معه حول الحرب العالمية الثانية. كان بيني وبين هذا الفتى مشروع صداقة حميمة فشل اول مرة بسبب خلافنا حول هيتلر وستالين، وفي المرة الثانية بسبب خلافنا حول القضية الفلسطينية ومفهوم الأرهابي وفي المرة الثالثة بسبب رؤيتنا ل"الأصلاح" في مصر.
يعيد هشام الي ويستعيد معي كل تلك الذكريات دون ان يذكر فعليا اي منها. ينطق الأنجليزية كلورد من جنوب انجلترا ويرتدي ملابس الطبقات الوسطى القاهرية بعد انسحاقها. ينحني قليلا وهو يصافح صديقاتي ويخاطبهن ب"حضرتك" و"يا افندم" فتحبه الصديقات جدا ويطلقون عليه "قريبك الي انقرض". للأسف هم يتعاملون معك على انك فرجة مسلية.
أتحاور معه واللاب توب على ركبتي أحاول انجاز بعض العمل واتحدث الى اخرين ينتمون لحاضري اكثر منه. يلاحظ اني لا اضحك مثل العادة وأن ضحكي يقل كلما غاب بعض اسابيع وعاد لزيارتي. ضحكي وابتساماتي ونزقي ولعبي وقهوتي اصبحوا ينتمون لمكان اخر يا عزيزي. لا اقولها بالطبع فستفتح عليا بابا لتفسيرات لا املكها. صرت افرح بزيارات هشام لأنها تعني اني لازل لي اقارب وعائلة ولكن ليس في الأمر اكثر من ذلك. لم تعد هناك اية ألعاب مشتركة. هو رب عائلة مسؤول وانا أمنع نفسي عن ان اطلب منه ان نخرج الى شرفة ابيه لنلقي بالبمب على السيارات المارة صباح العيد. عالمي ليس هنا. النوم لا يغير في الأمر شيئ. كان "الصديق" يقول لي اني اذا نمت فسأختم اليوم السابق واصبح اكثر قدرة على بدأ الذي يليه. اما الأن فالنوم والصحو سيان. لا يزال في فمي طعم فنجان القهوة الأخير في المقهى الذي يقدم المشروبات في نهار رمضان بينما يعلو صوت القران من الراديو الخاص به. ولا تزال كفي دافئة جدا من اثر اللمسة مع اني انا التي ابادر بها. النوم لا يمحوا تلك الأمور. بل اني انتظر تكرارها حتى اقدر مرة اخرى على النوم

Friday, October 06, 2006

مع محبتي واحترامي لليلى خالد


قد يغفر لك العالم انك ارهابي بشرط ان تنتصر في النهاية

Sunday, October 01, 2006

أطل كشرفة بيت على ما أريد


أتناول موكا مع صديق. في الحقيقة احتاج بشدة لفنجان من قهوتي المفضلة، مظبوطة ومغلية كالعادة ولكني لا اتناولها الا وحدي أو مع من تجمعني بهم علاقات شديدة الخصوصية. أراقب شلة من الشباب الروش والفتيات المحجبات وتبادلني بعض الفتيات المراقبة. أود ان أضحك مثلهم. أود أن أمتلك يقين يشبه ما أتصور انه يقينهم. أصحب صديقي لأجتماع المجموعة الأدبية التي ينتمي لها. يجتمعون في مكتبة فاتصور انه لن يكون هناك تطفل في وجودي وأني سأشكل مفاجئة سارة لصديقي الذي يدير المجموعة. هناك اجد اني مفاجئة كما يبدو لاعضاء اخرين في المجموعة يداعبني الأصدقاء بعدد معارفي ولكنهم في مثل هذه الأحوال أتوق فعلا لفكرة الأختفاء. ابحث عن كتاب حديث انوي ترجمته فلا أجده فأنتقل بين الرفوف بسرعة لا تساعد بشكل حقيقي على تفحص ما تحتويه. انتقل الى رفوف الادب فأحاول أختيار كتاب يصلح للاختباء بداخله بينما اراقب من أعرفهم ويعرفونني ومن اعرفهم ولا يعرفونني. وحدي على طاولة قريبة من الأخرين بشكل مزعج مع فنجان أسبرسو وكتاب وجدت فيه قصة لمستني قديما دون ان افهمها وأنا أودع عامي السادس عشر. اليوم احاول ان اعيد قرائتها رغم اتهام اصدقائي الودود اني أدعي القراءة لمراقبة تجمعهم. يوجعني كم صرت اشبه بطلة القصة. أراقب ولا أتفاعل. أطل كشرفة بيت على ما أريد. عندما سمعتها من محمود درويش مباشرة أعطتني احساس بالحرية وبالقدرة على الأختيار. كنت صغيرة وقتها. وأتصور اني سأملك العالم اذا ما أردت. بالأمس تذكرتها مرة أخرى وأنا اختم ليلتي بلقاء مع صديق اخر في شرفة مقهى. أطل على جامعتي القديمة وعلى فتيات يشبهون ما كنت عليه في يوم من الأيام وما أعمل جاهدة ان اعود اليه. أطل كشرفة بيت على ما أريد. على ما أتمنى. أطل كشرفة عالية لا تملك القدرة على الأقتراب مما تريد