Name:
Location: Egypt

Totally lost in the Mediterranean


Sunday, January 15, 2006

زارني لبنان

أتت م. أحضرت لي لبنان في حقيبتها
لحمة مدقوقة حولتها في مطبخي لفراكة وكبة نية, كتب من دور النشر لبنانية لكتاب من أنحاء العالم, زجاجة عرق, بقلاوة, نشرات عن المقاطعة ومقاومة أنصار أسرائيل في لبنان, قصص عن سهى بشارة وكفاح عفيفي وأنور ياسين, أبطال مقاومة همشت لأنها لم ترتدي عمامة الدين
جائت لي أيضا ببعضا مني. لهجتي الأصلية التي أشتاق اليها, أغاني من طفولتي, حافظة نقود مطرزة في المخيم
م مثلي, ابنة المناطق الحدودية. ونحن أبناء المناطق الحدودية قلقون بالفطرة. تضيع هويتنا بين ما نحس وما نجبر عليه. نجبر مثلا أن ننسى ان صور كانت تابعة للواء صفد وان فلاحين مرج عيون كانو يعملون في حصاد مواسم الزيتون في قضاء عكا. علينا أن نسلم الأن ان
الفلسطينين أغراب وان أسرائيل قد تكون صديقة
أتت م أيضا بحكايات تحفر في نفسي أكثر وأكثر النقوش التي رسمتها غربتي أغلب سنين عمري. حدثتني عن رؤى مغايرة لشخصيات أردتها انا رموزا لهويتي الوطنية كما رسمتها عن بعد. سمير قصير الذي بكيته كما لم أبكي شخصية عامة من قبل حطمت لي جزء من صورته وجبران تويني الذي لا أحمل له أي مشاعر أو معرفة حقيقي سوى كأسم رسمت له صورة أكثر رأفة. أربكني أدراكي المتأخر جدا أني لا أختلف كثيرا عن الذين يقيمون في ميشيغان في القرن الواحد والعشرين ويتحدثون عن لبنان ما, أخذت أخر صورة في حوزتهم له عام 1920
نعم أنا أحفظ شارع الحمرا وشارع بليس وما بينهم حجرا حجرا. نعم لا يزال لي في بيروت أعمام ومنزل وقبر أبي ونعم لا تزال لبنان هي البلد الوحيد الذي يعتبرني مواطنة كاملة الأهلية بلا ملاحظات في الأوراق الرسمية. ولكني هبطت الى أرض الواقع وأدركت ان الوطن سيبقى بالنسبة لي زيارة من م, ونميمة ليلية مع كاسة المتى التي لا تنتهي
أغضب فجأة على أبي وعلى الهجرة وعلى الحرب وعلى كل ما جعل لي وطنا بعيدا الى هذا الحد وأعود فأقول أننا شعب أدمن السفر وان فكرة الوطن في حد ذاتها قديمة ومستهلكة فلما أطوق لها وانا من أعرف نفسي دوما بأني أبنة العالم؟
سؤال عبثي كأغلب أسألتي هذه الأيام. يكفيني في الوقت الحالي أن أمارس "مواطنتي" مع صحن تبولة عندما أعود الى منزلي في القاهرة