Name:
Location: Egypt

Totally lost in the Mediterranean


Tuesday, January 03, 2006

أحنا مش عنصريين, هما الي أغبيا


خمس سنين ونصف أعمل مع اللاجئين. خمس سنين ونصف أبداء الحوار معهم بتشككهم اني سأتفهمهم وأحترمهم لأني "مصرية" فأرد بأني لست مصرية ليبدو عليهم فورا بعض الأطمئنان النسبي. سمعت منهم طوال تلك السنوات عن تعرضهم للتحرش في الشوارع وفي المترو احيانا. كنت أصدق ولكني لم اكن استوعب. عندما قال لي بعضهم "أنت مش زي التانيين" كنت أعتقد ان ذلك من قبيل المبالغة والمجاملة. عندما كانوا يقولون شكرا على ما فعلتيه من أجلي كنت أجيب صادقة أنني لا أقوم سوى بأجرائات روتينية في حدود عملي, كان على أي شخص أخر في وظيفتي أن يقوم بها. لم اكن فلتة لقد كان هذا هو الشكل السائد للتعامل بين زملائي وبين اللاجئين. أخبرني الزملاء في أول أيامي في الوظيفة اننا هنا في خدمة اللاجئين. لم يكن هذا هو موقف المنظمة التي نعمل بها لكنه كان موقف مجموعة الفتيات الاتي كانت وظيفتهم تحضير ملفات حالة للاجئين. منظمة صغيرة تابعة بشكل ما للأمم المتحدة وان لما تحمل حروف يو أن في أسمها. في التدريب على المهنة قالت المدربة الأمريكية جملة لا أذكرها الأن ولكني أذكر أنها أدهشتني ودفعتني لسؤال "ألسنا هنا في مهمة أنسانية؟" ردت المدربة فورا على سؤالي بشخرة أسكندراني أصيلة وضحكت المديرة بصوت عالي. شرحوا لي اننا مجرد منظمة تنفذ المشاريع التي نكلف بها من قبل جهات مختلفة وان هناك الكثير من الأموال مخصصة لمشريع الأغاثة كما ان العديد من منظمات "الأغاثة" تتنافس عليها وقد ربحنا هذا السباق في منطقة الشرق الأوسط ومصر تحديدا وعلينا الحفاظ عليه
عندما توالت عليا حالات اللاجئين الذين تعرضوا لأنتهاكات نفسية جسيمة بشكل أعاق قدرتهم على أتمام المقابلة أحيانا أقترحت أن نبدأ في تحويلهم للمستشفيات والمراكز النفسية المجانية. قوبل طلبي بتفهم في بداية الأمر ثم نوقش ووصلت الأدارة لقرار انه ذلك سيشجع اللاجئين على طلب خدمات مننا فرفض أقتراحي. أستمريت في تحويل الحالات النفسية الحادة لمركز النديم
بعد ما يقرب من خمس سنوات في هذه الوظيفة قررت اني لا أقدم أي خدمة وعليا التوقف عن تلقي مرتب كبير بينا يدخلونا عليا يوميا يدارون ثقوب ملابسهم ويحتارون في تحديد عنوانهم بين العناوين التي طردوا منها والتي يقيموا فيها مع الأقارب والأصدقاء
في الأيام الأخيرة لي في المكتب حسمت قراري بسبب أختين من الصومال أعتدى عليهم والدهم وحاول أجبارهم على العمل في الدعارة. ومع ذلك ساهمت المفوضية العليا لشوؤن اللاجئين في أعادتهم له مرتين
اليوم اعتذر للفتاتين. واعتذر لكل دينج ومالوال ومهدي عرفته طوال خمس سنوات عشت فيها مرفهة على حساب أستخدامهم ككروت في لعبة السياسة. الأعتذار لا يكفي ولكنه كل ما أملك. اليوم أدرك فداحة ما قاله صديقي عندما واجهته بحقيقة عنصريتنا فقال "أحنا مش عنصرين هما الي أغبيا" أسفة أني ضحكت يومها. ولكنه في الأغلب على حق. كلنا أغبياء عندما أعتقدنا ان منظمات الأغاثة والأمم المتحدة أنسانية وان البوليس مهمته حماية البشر وأن قتل النفس ليس هين. وأخيرا أعتذر عن سخف وعبثية ما أكتبه ولكني ولمدة أربع أيام فشلت في الأعتذار بشكل يليق بفداحة ما حدث فكان لا بد من هذا على أقل تقدير