Name:
Location: Egypt

Totally lost in the Mediterranean


Monday, May 08, 2006

قبل القاع بقليل

بيني وبين سماء الأسكندرية وبحرها ستارة شفافة من التراب. امشي وحدي في شوارع احبها جدا في العادة ولكني محصنة ضد الإحساس بها اليوم. اصدقاء في المعتقل وأصدقاء هاربون من الأعتقال. أصدقاء في اعمالهم وأصدقاء نائمون والعالم يضج بحياة مملة في الخارج. تلعب في رأسي للحظات خاطفة فكرة اللجوء الى طاولتي المفضلة في ايليت. تلك التي تقبع في الركن المطل على سانتا لوتشيا. لا يستغرق الأمر اكثر من جزء من الثانية لأدرك ان ذلك الإختيار الأحمق لن يزيدني الا وحدة. كلما احببت المكان اكثر يزداد حرصي على الا يشاركني فيه سوى اكثر الأصدقاء حميمية. يرتبط بهم المكان ويتكاثف احساسي بالوحدة اذا لجأت إليه في لحظات تخليهم المتخيل عني

استبدل أيليت بتريانون. ارتبط تريانون عندي بالقاهريين وبالرغبة في الهروب الى علبة مكيفة صيفاً. لا اطياف هنا لأفتقدها، لا طاولة مفضلة، لا نادل يعرف اسمي واسم من احب وكيف افضل قهوتي وكمّ الجبنة الذي اضيفه لطبق المعكرونة ونوع البيرة المفضل لدي. اختار طاولة لفردين وأبدأ المراقبة. خليط الزبائن المعتاد هنا ممثل بكامل هيئته. سواح اجانب واخرون قاهريون، رجال ونساء يمارسون نزوات منتصف العمر، أرمن، كان من الممكن ان يكونوا يونانيين او إيطاليين، سكندريين ولكنهم اليوم أرمن (أمرأة وابنتها وحفيد وحفيدة يشبهون العرائس الخزفية). شاب ببدلة رسمية وفتاة محجبة هي في الغالب خطيبته أو ستكون بعد وقت قصير. عائلة نوبية

أطلب حساء، الحساء يمنحني في العادة احساساً بالأحتواء، دفؤه وهو يتسلل عبر جسمي يشبه حضناً أفتقده اليوم كثيرا. ولكن الحساء اتى مشابها لليوم، فاتراً ومخيباً لآمالي. لا اشتكي ولا اعيده للمطبخ مطالبة بتسخينه. فتوره اليوم يذكرني بتربيت سريع على الظهر يمنحه لك صديق كنت تنظر منه ان يضمك قليلا الى صدره. حالة تمنحك ما تريد دون ان تشبعك. يكافئني النادل على عدم الشكوى بأن يمنحني قدر الحساء بأكمله. مفاجأة منحتني ابتسامتي الوحيدة لهذا اليوم حتى وقتها

انهي رواية بوليسية وأزعج صديقي النائم بالمحاولة الثانية عشرة لإيقاظه. أكاد اجن وحدي فأطلب رقم منزله وأطلب من اهل بيته ايقاظه ولكنهم يفشلون كالعادة. الصديق الآخر ما يزال في العمل وقد وصله صوتي المختنق بالبكاء يطلب منه ان لا يتخلى عني اليوم بالذات. حمداً لللّه على السلامة, لقد وصلت اخيرا لأسفل نقطة في قاع انسانيتي

استجمع شجاعة تكفي للخروج من تريانون ولكنها لا تكفي للمشي في الفضاء المكشوف فأختار ان اتسلل عبر الشوارع الخلفية الى شارع الشهداء حيث سأختبئ مرة اخرى خلف اسم مستعار وشاشة كمبيوتر. في الطريق المح العائلة الأرمنية في محل منتجات جلدية. عند لحظة الاستسلام لليأس يجيب الصديق النائم على هاتفه فأضيف الى صوتي بعض مرح وأقول: شوف عندك كام ميسد كول تعرف بقالك كام ساعة نايم

فنجانا القهوة المعتادان وصوت منيرفي مقهى يبعد خطوات قليلة عن البحر وصديق يقول خلي بالك من نفسك. هناك، في نهاية اليوم اسباب تبرر عدم سماعي لصوت ارتطامي بالقاع